مرض البهاق | أسبابه وأعراضه وعلاجه

يعتبرُ البشر جميعًا مختلفين، لكن هناك حالات نادرة تجعل بعضنا أكثر تميزًا بفضل هذا التباين اللوني. يظهر مرض البهاق على الجلد بصورة بقعٍ بيضاء غير منتظمة، قد تكون صغيرة أو كبيرة، مما يؤثر على جمال وثقة الفرد بنفسه ويُحدث تغييرات جذرية في نظرة المجتمع لهم.

في هذا المقال ومن خلال العيادة أون، سنأخذكم في جولةٍ عميقة إلى عالم مرض البهاق، سنلقي الضوء على أسبابه الغامضة، نعكف على استكشاف أعراضه المتعددة ونُقدم لكم أحدث التطورات في مجال علاجه والحلول الابتكارية التي قد تمنح المصابين بالأمل والشجاعة ليواجهوا التحديات بكل إصرار.

انضموا إلينا في هذه الرحلة الإنسانية، حيث سنسعى جميعًا لفهم تلك النقاط البيضاء الصغيرة على بشرتنا ونبني جسرًا من التفهم والتقدير نحو المصابين بالبهاق، لأن الجميع بحاجةٍ إلى الاحتضان والمحبة، بغض النظر عن درجة اللون التي يحملونها.

ما هو مرض البهاق؟

البهاق، هو مرض يتسبب في ظهور بقع على الجلد تفتقد فيها البقع لونها. وتزداد حجم هذه البقع عادةً مع مرور الوقت. يمكن أن يصيب هذا المرض الجلد في أي جزء من الجسم وقد يؤثر أيضًا على الشعر والمناطق الداخلية في الفم.

عادةً ما يتحكم الميلانين في لون الشعر والجلد. ويحدث البهاق عندما تتوقف الخلايا المسؤولة عن إنتاج الميلانين عن أداء وظيفتها أو تموت. يمكن أن يتأثر البهاق أشخاصًا ذوي بشرة مختلفة، لكن يمكن أن يكون أكثر وضوحًا لدى الأشخاص ذوي البشرة البنية أو السمراء. 

يجدر بالذكر أن مرض البهاق لا يشكل خطرًا على الحياة ولا ينتقل عن طريق العدوى. ومع ذلك، قد يسبب التوتر للمصابين وقد يؤثر سلبًا على نظرتهم لأنفسهم.

على الرغم من أن بعض أشكال علاج البهاق قد يعيد للجلد المصاب لونه، إلا أنه لا يمكنه منع استمرار فقدان اللون في الجلد أو حدوث تكرار للمرض. 

ولذلك فإنه يتطلب تعاطفًا ودعمًا مستمرًا للمصابين بهذا المرض لمواجهة التحديات التي قد يواجهونها في مسار علاجهم وتحسين ثقتهم بأنفسهم.

أنواع البهاق

هناك عدة أنواع من البهاق وتختلف حسب المنطقة التي تظهر فيها البقع البيضاء ومدى انتشارها. من بين أنواع مرض البهاق الشائعة:

• البهاق المنتشر (Generalized Vitiligo):
  • يحدث عندما تظهر البقع البيضاء في جميع أنحاء الجسم تقريبًا وقد يكون هذا النوع الأكثر شيوعًا.
• البهاق الجزئي (Segmental Vitiligo):
  • يكون البهاق محصورًا في منطقة واحدة من الجسم، مثل الوجه أو اليد وعادةً ما يظهر على جانب واحد فقط من الجسم. يمكن أن يكون هذا النوع مختلفًا عن البهاق المنتشر أو الذي يؤثر على مناطق متعددة في الجسم. 
  • يتميز هذا النوع بالظهور المحصور للبقع البيضاء في منطقة محددة دون انتشارها إلى أجزاء أخرى من الجسم.
• البهاق البؤري (Focal Vitiligo): 
  • يُعتبر من الأنواع الخفيفة للبهاق. يتميز بظهور اللون الأبيض كبقعة واحدة فقط على الجلد ولا تنتشر هذه البقع إلى مناطق أخرى من الجسم. 
  • يعني أن البقعة البيضاء المصابة بالبهاق في هذا النوع تكون محدودة ومحصورة في منطقة معينة ولا تنتقل إلى مناطق جلدية أخرى.
• البهاق ثلاثي التصبغ (Trichrome Vitiligo):
  • هو نوع آخر من أنواع مرض البهاق. يتميز هذا النوع بوجود منطقة ذات لون كثيف (بنية داكنة)، تليها منطقة ذات لون أفتح (بيضاء) وتليها بشرة ذات لون عادي. 
  • هذا النوع قد يكون نادرًا ويحدث عادةً بعد فترة من الإصابة بالبهاق.

من المهم أن نتذكر أن البهاق هو حالة طبية غير معدية وعلى الرغم من أنه لا يشكل خطرًا على الحياة، إلا أنه قد يؤثر على نوعية حياة المصابين به ويتطلب دعمًا وتفهمًا من المحيطين بهم. 

أسباب حدوث مرض البهاق

تعتبر أسباب البهاق معقدة وغير معروفة بشكل تام ويُعتقد أن هناك عدة عوامل تلعب دورًا في حدوثه. تأتي أهم العوامل التي يُرتبط بها حدوث البهاق على النحو التالي:

• اضطراب في الجهاز المناعي (حالة المناعة الذاتية): يُعتبر هذا السيناريو الأكثر شيوعًا لحدوث البهاق. يعتقد الباحثون أن الجهاز المناعي يقوم بمهاجمة الخلايا الميلانية الطبيعية بالجسم، مما يؤدي إلى تدميرها وتوقف إنتاج الميلانين.
• التاريخ العائلي (الوراثة): يمكن أن يكون للوراثة دور في زيادة احتمالية الإصابة بالبهاق. فإذا كان لديك أحد أفراد العائلة مصابًا بالبهاق، فقد تكون لديك فرصة أكبر للإصابة به أيضًا.
• حدث محفز: قد تُرتبط بعض حالات البهاق بحوادث أو أحداث محددة تؤثر على الجلد، مثل الإجهاد النفسي، التعرض لحروق الشمس حادة أو تعرض الجلد لمواد كيميائية معينة.

مع أن البهاق ليس مرضًا معديًا، إلا أن تأثيره النفسي والاجتماعي يمكن أن يكون كبيرًا على المصابين به. وبالرغم من عدم وجود علاج نهائي للبهاق، إلا أن هناك خيارات للعلاج تساعد في تحسين مظهر الجلد وتقليل الأعراض سنقوم بمناقشتها تاليًا. 

ما هي أعراض مرض البهاق؟

مؤشرات مرض البهاق تتضمن عدة علامات وأعراض تُلاحظ على الجلد والشعر والأنسجة المخاطية. ومن بين هذه المؤشرات:

• فقدان لون الجلد على شكل بقع: تظهر بقع بيضاء أو فاتحة اللون على الجلد ويكون البهاق عادة أكثر وضوحًا في المناطق المكشوفة من الجسم، مثل اليدين والوجه ومناطق حول العيون والأنف والفم والأعضاء التناسلية.
• تحول لون الشعر إلى الأبيض: يمكن أن يصبح الشعر المصاب بالبهاق أبيضًا أو رماديًا في المناطق المتأثرة ويمكن أن يكون ذلك في فروة الرأس أو الحواجب أو الرموش أو اللحية.
• تغير لون الأنسجة المخاطية: قد يتأثر البهاق أيضًا بالأنسجة المخاطية الموجودة في الفم والأنف من الداخل وقد يظهر لونها باللون الأبيض أو الفاتح.

بالنسبة لأنواع البهاق، يمكن أن يؤثر المرض في مناطق مختلفة من الجسم وتتفاوت شدة الإصابة حسب النوع. يمكن أن يظهر البهاق بشكل محدود في جزء واحد من الجسم أو أن ينتشر على أجزاء متعددة. 

قد يتطور البهاق بسرعة أو يتوقف نمو البقع بدون علاج في بعض الحالات. إن فهم مؤشرات البهاق والتعرف على الأنواع المختلفة يساعد في التشخيص وتوجيه العلاج المناسب.

طرق علاج البهاق

الهدف من علاج مرض البهاق هو تحقيق موازنة لون الجلد وتحسين مظهره. يعتمد نوع العلاج على عدة عوامل، بما في ذلك مساحة الجلد المتأثرة، مدى انتشار المرض، سرعة تقدمه وتأثيره على نوعية حياة المريض.

من بين أشهر أنواع العلاج الدوائي لمرض البهاق، تشمل:

• الأدوية المضادة للالتهابات: 
  • مثل الكورتيكوستيرويدات التي تستخدم بشكل موضعي على شكل كريمات، عن طريق الحقن أو عن طريق الفم (حبوب). تعمل هذه الأدوية على تقليل الالتهاب واستعادة بعض لون الجلد.
• العلاج الضوئي بالأشعة فوق البنفسجية: 
  • يُعتبر من أكثر العلاجات الطبية فعالية لمرض البهاق. 
  • يتضمن هذا العلاج تعريض الجلد المصاب للأشعة فوق البنفسجية بالتحكم لتقليل نشاط البهاق وانتشاره، مما يساعد في تحسين لون الجلد المتأثر.

على الرغم من أن العلاج الضوئي قد يكون فعالًا، إلا أنه يتطلب الصبر والمتابعة المستمرة. قد تستغرق جلسات العلاج الضوئي فترة طويلة قبل أن تظهر النتائج الواضحة وقد تحتاج إلى الاستمرار في العلاج لعدة شهور.

نصائح للمصابين بالبهاق

العناية بالبشرة والحماية من العوامل المحتملة المسببة للازدياد في انتشار البهاق تعتبر جزءًا مهمًا من إدارة هذا المرض. من بين الخطوات الهامة للحفاظ على صحة البشرة والتقليل من تأثير البهاق، يجب اتباع النصائح التالية:

1. حماية البشرة من الشمس: استخدم واقي الشمس بشكل دوري وكرر استخدامه بانتظام في الصيف والشتاء عند التعرض لأشعة الشمس. ارتدِ الملابس الواقية والقبعات الواقية للحماية من أشعة الشمس المباشرة.
2. تقليل الإجهاد والتوتر: يُعتقد أن الإجهاد والتوتر يمكن أن يؤثران على الجهاز المناعي وقد يزيدان من احتمالية تفاقم البهاق. حاول تجنب المواقف المؤدية إلى التوتر وابحث عن طرق للتخلص من الضغوط اليومية.
3. تجنب المواد الكيميائية: تجنب التعرض للمواد الكيميائية القوية والمهيجة واحرص على استخدام المنتجات الطبيعية والمناسبة لنوع بشرتك.
4. عدم استخدام منتجات غير مرخصة طبيًا: تجنب استخدام الكريمات والخلطات التجميلية التي لم تكن معتمدة طبيًا، حيث قد تتسبب بمضاعفات غير مرغوب فيها.

الحفاظ على البشرة واتباع الإرشادات الطبية المناسبة يمكن أن يساعد في تقليل آثار البهاق وتحسين جودة الحياة لدى المصابين بهذا المرض. 

في نهاية هذه المقالة، علينا أن ندعم الباحثين والمختصين لكي يتمكنوا من كشف الأسباب الحقيقية لمرض البهاق وتطوير علاجات فعالة تخفف من معاناة المرضى وتعيد لهم الثقة والإيمان بأنفسهم. 

وفي الوقت نفسه، يجب علينا أن نعمل جميعًا على نشر الوعي والمعرفة حول البهاق، لنحطم الأفكار الخاطئة والتحامل السلبي. علينا أن نتذكر أن الجمال الحقيقي لا يكمن في البشرة المثالية بل في النفوس الطيبة والقلوب الحنونة. 

وتذكروا اعزائي القراء “إننا مختلفون ولكننا متحدين بالمحبة والتعاطف” نتمنى أن تكون مقالتنا قد قدمت لكم الإفادة.